التقرير السنوي لعامي 2018 – 2019 يرصد (83) اعتداءً طال الصحفيين ووسائل الإعلام في أرجاء ليبيا وهي حصيلة تُعد منخفضة نسبيًا بالمقارنة مع الأعوام الماضية ، نتيجة تزايد الصُعوبات والقيود الذاتية والإجراءات التقييدة التي تفرضها الأطراف الضالعة في العنف يوما بعد آخر.
صحفيو ليبيا طريق مليء بالمخاطر والعنف يحاول هذا التقرير السنوي أن يُسلط الضوء برؤية واسعة وشاملة عما يُعانيه هؤلاء الفئة الضعيفة التي لا تزال تعاني العنف المُسلط بحقهم من أطراف عدة تدّعي أنها تُطبّق القانون، أو تحمي الليبيين وتُعطي ذرائع وهمية لتزداد حالة تكميم الأفواه والترويع، وتظل الجماعات المُسلحة النظامية وغير النظامية تتوغّل في مفاصل الدولة وتزيد سطوتها.
التقرير السنوي مبني على شهادات ووثائق ومستندات وأدلة جمعها الباحثون جراء مقابلات مع ضحايا العُنف وفقًا للتصنيف المنهجي ولعل مدينتا طرابلس وبنغازي هما من تتصدران القائمة باعتبارهما الأكبر في البلاد
تتداخل الأطراف الفاعلة الضالعة في ارتكاب العنف وتختلف حسب الرقعة الجغرافية، ليكون الصحفي هو الضحية المستهدفة؛ يدفع ثمن استقلاليته وبحثه عن الصورة والمعلومة الحقيقية؛ ليصبح فريسة مخالفة للجهات العسكرية والسياسية المُتنازعة في حكم ليبيا.
سياسة ممنهجة تتخذها أطراف النزاع متعددة الأقطاب تتمثل في خطر كُلي لوسائل الإعلام غير الموالية لها أو الصحفيين المُستقلين، فضلا عن ملاحقة المدوّنين والمدافعين عن حقوق الإنسان المُعارضين، حيث تحظر قوات عملية الكرامة بقيادة الجنرال خليفة حفتر كل وسائل الإعلام والصحفيين غير الموالين لها لتغيّب كل مناحي مدنية الدولة بشكل كُلي شرق ليبيا.
في حين تُمارس حكومة الوفاق الوطني (1) التي دُعمت من الأمم المتحدة وصاية مُباشرة على الصحفيين والمُراسلين الميدانيين في تضييق على إنتاجاتهم الصحفية وعرقلة منحهم التراخيض اللازمة، بل وصل الأمر للتسلّط على مصوّرين صحفيين ميدانيين بحجج عدم وجود تراخيص عمل لهم.
أما الجنوب الليبي المنسي الذي تتداخله الأطراف الفاعلة، فيعيش أتعس زمن منذ الاستقلال عام 1951، الصحفيون هناك يُعانون الاستهداف المُباشر؛ جراء الحرابة والسطو والاقتتال القبلي العنيف، لتضعف قدراتهم في تغطية الأحداث وجمع المعلومات والصور.
لم تكتفِ هذه الأطراف الفاعلة بممارسة العنف والجريمة فقط، بل إنها وظفت “الذُباب الإلكتروني” في آلة للتغريد والهجوم وفق أهواء الممولين عبر الشبكات الاجتماعية دون أي التزام بالمعايير المهنية، وهو ما زاد من شق الصف الصحفي، بالإضافة إلى تدخل رأس المال الأجنبي في تأجيج الصراع والنزاع على الأرض.
إنه لا يخفى على أحد حالة التخبط والتآكل الرهيب في مؤسسات الإعلام العام وتزايد توغل الجماعات غير النظامية وأصحاب المنافع، ناهيك عن حالة التدمير والنهب التي تعيشها تلك المؤسسات في ظل تضخم كبير في كوادرها البشرية وحالة الإنفاق المالي غير المدروسة، وكذلك الحكومات المتعاقبة أظهرت عدم رغبتها في الإصلاح وإجراء التنظيم اللازم للقطاع ونيتها في استمرار سيطرتها على هذا القطاع الهش الذي يُعاني الفوضى والإهمال، ولابد لأصحاب المهنة من تحرير القطاع من قبضة الحكومات والبدء في تأسيس مؤسسة مستقلة لإعادة الإصلاح والحوكمة وفقا للقواعد الدستورية.
إنه من أهم المشاكل التي حلت بالإعلام العمومي هي الانقسام وتنازع الشرعية والاختلاف عليها سبب في تشظي المؤسسات وتقسيمها وضعف أداء الوسائل الضعيفة في الأصل، وهذه الوسائل عمّقت الأزمة من خلال خطاب مروج للأدوات السياسية المسببة للانقسام، والآن لدينا قنوات إعلامية عمومية ذات خطاب مضاد وكما أن نشاط كل هذه الوسائل لا يتعدّى سيطرة الإقليم التي تتبعه، وليس حال باقي المؤسسات الإعلامية مختلف، والإعلام العمومي يعكس دولة موحدة وحكومة موحدة، وبهذا لا يمكن تسمية هذا الإعلام إعلاما عموميا بل إعلاما يتبع أطرافا وأحزاب الصراع.
وفيما يتعلق بالإعلام الخاص فتشهد الساحة الإعلامية تشتتًا كبيرًا، حيثُ تتخذ المؤسسات الإعلامية الليبية من عواصم الدول الإقليمية مقارّ لها، إلا بعض القنوات التي لا تزال تعمل من طرابلس أو بنغازي وهي تتبع أو تروج لأحد الأطراف الفاعلة داخليا، وفيما يتعلّق بالساحة الإذاعية فهي أكثر انتشارا ولا تتركّز في مدن معينة.
أدّى العُنف المُتفاقم ضد الصحفيين لفرار ما يزيد عن 83 صحفيًا (2) ليبيًا خارج البلاد بين الأعوام 2014 – 2018، بعدما أدركوا استحالة ممارستهم للعمل داخل مدنهم، نتيجة فقدان الأمن والحرية وبيئة العمل المشحونة بالكراهية والتحريض لتستمر حالة النزيف لبيئة الإعلام التي يعيش فيها الصحفيون تحت وطأة التهديد المستمر.
لا يعني انخفاض معدلات الاعتداءات المسجلة تحسنًا أو ازدهارًا في أوضاع حرية الصحافة والإعلام، بل إن هجرة الصحفيين وإغلاق العشرات من وسائل الإعلام أبوابها وتزايد الرقابة الذاتية وتفضيل ترك مهنة الصحافة؛ هي جزء من الأسباب الرئيسة جراء حالة المرض التي يعيشها قطاع الصحافة والإعلام الليبي، إضافةً إلى تفضيل الضحايا الصمت وعدم التبليغ عن المنتهكين خشيةً من ملاحقتهم أو ذويهم.
أي إن كل المُعطيات الحالية يُمكن أن تُشير إلى أننا في مرحلة أشبه بـ” مرحلة ما قبل ذبح الحُرية المنشودة” التي خرج لأجلها الليبيون يُطالبون بها في انتفاضة ثورة فبراير، لنعيش عصر ” نكسة الإعلام”.
أصبح الصحفيون بين خيارين لا ثالث لهما، إما العمل تحت وطأة التهديد والصمت وعدم الحديث عن التهديدات التي يواجهونها أو التخلي عن مهنتهم والبحث عن مهنٍ أخرى.
ولعل 2018-2019 شهدا سابقة خطرة هي ارتفاع وتيرة الإجراءات التعسفية التي تضعها إدارات مختلفة بحكومة الوفاق الوطني والحكومة الموازية شرق ليبيا، بعدة أساليب بيروقراطية بائسة سنتطرق إلى بعضها لاحقًا بالتقرير
أجرى الباحثون بوحدة الرصد والتوثيق لدى المركز الليبي لحرية الصحافة ما يزيد عن مئة مُقابلة توزعت على 5 مدن ليبية وتنوعت بين 30 مقابلة مباشرة و30 اتصالا هاتفيا و25 وسيلة إعلام ومنصة تواصل اجتماعي 15 عن طريق البريد الإلكتروني الخط الساخن.
ويعتمد التقرير على سلسلة مترابطة مبنية من التقارير الداخلية والشهرية التي أعدتها وحدة الرصد والوثيق، اعتمدت على الاتصال المباشر وغير المباشر مع ضحايا الانتهاكات، لتحليل هذه المعلومات وتصنيفها بشكل علمي، وفقًا للدليل المنهجي، وقد أنشأ المركز الليبي لحرية الصحافة وحدة الرصد والتوثيق كمرصد بحثي علمي يعني بشؤون الصحفيين ووسائل الإعلام من خلال توثيق الممارسات التي يتعرضون لها وإعدادها في تقارير داخلية فضلا عن جمع الأدلة والمعلومات وتقصي الحقائق حولها.
ويُتابع فريق العمل بحذر شديد حوادث الاستهداف المُباشر للصحفيين أو المؤسسات الإعلامية فضلا عن جرائم الإخفاء القسري (3) والتعذيب التي تُمارسها قوات حفتر الضالعة في جرائم حرب وفقًا لتقارير دولية، وعدم احترامها لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي، ولعل الحوادث الممنهجة والتكتيم التي تعيشه مدن شرق ليبيا أبرز دليل وسط غياب كامل لحرية التعبير وتعدد الآراء.
ولعل موجات العنف المُتكررة أفرغت الساحة الليبية من أي وسائل إعلام مستقلة قادرة على تقديم محتوى مهني، وتسليم المجتمع الليبي لدعوات الكراهية والتحشيد والعنف والعسكرة وماكينة الحرب المدمرة.
وتجدر الإشارة إلى أن فريق العمل يواجه صعوبات كبيرة في التحقق من المصادر وتتبع حوادث الاعتداءات شرق ليبيا، بالنظر للإجراءات التعسفية التي تفرضها قوات حفتر، وغياب لمفهوم الصحفيين المُستقلين أو وسائل الإعلام المُستقلة التي لاحقتها عناصر الأمن وصادرت في العديد من المرات معداتها.
وعلى الرغم من الانخفاض في معدل الاعتداءات المُسجلة بالمقارنة بالأعوام الماضية، فإن وضع حرية الصحافة وحماية الصحفيين لا يزال في خطر كبير، ولا تزال الأطراف الفاعلة تمارس شتى الاعتداءات دون أي مراعاة لاحترام الشارة؛ وهذا ما دفع العديد منهم لترك مهنتهم أو فضلوا الصمت وعدم الحديث عن أي اعتداء يواجهونه، وذلك لتوعد الجهات الضالعة بملاحقتهم هم أو ذويهم وخصوصًا بالمناطق الخاضعة لسيطرة قوات حفتر
سُجل من يناير 2018 إلى 15 أبريل 2019 (83) اعتداءً طال العديد من الإعلاميين ووسائل الإعلام، إذ يعتبر أقل حصيلة موثقة بالمقارنة مع السنوات الماضية.
وقد تعددت الحوادث وتصنيفاتها ما بين القتل العمد والإخفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب فضلا عن الاعتداء بالضرب والاحتجاز المؤقت وحوادث الملاحقة القضائية والهجمات على وسائل الإعلام.
فقد لقي موسى عبد الكريم وهو مصور صحفي يعمل لدى صحيفة فسانيا مصرعه في شهر يوليو العام الماضي بمدينة سبها بالإضافة إلى مقتل محمّد بن خليفة الذي يعمل مصوّرا صحافيا لوكالة أسوسياتد برس، في يناير 2019 عندما كان يُغطّي مواجهات بين مجموعات مسلحة جنوب طرابلس.
في حين رُصدت حالات شروع قتل، حيث أصيب بطلق ناري مصور صحفي بمدينة درنة، وحادث سطو مُسلح وتهديد بالسلاح على صحفي بمدينة الزاوية.
في المقابل تعيش العديد من الصحفيات حالة من الفزع والخوف، ووُثق 20 اعتداء على صحفيات نتيجة تنامي تهديدات يُطلقها مسلحون لمعارضتهم للمحتوى الصحفي أدى إلى فرار بعضهن خارج البلاد أو التوقف عن الكتابة الصحفية.
وفقًا للتصنيف والتوثيق لا تزال تتصدر طرابلس الرقم الأكبر بــ (42) انتهاكا وبنغازي (19) حالة، إلا أنّها الأشد ضراوة وانتهاكًا لحقوق الإنسان، في ظل حالة الإفلات من العقاب لمجرمي الحرب هناك، ويواجه الصحفيون حالة خوف شديدة ونواجه صعوبة في التواصل معهم وخشيتهم من الإدلاء بشهاداتهم، حيث أغلب الحالات جاء اعتقالهم والزج بهم في السجون بحجة معارضتهم لتعليمات قيادة عملية الكرامة التي تحظر عليهم العمل بوسائل الإعلام المُستقلة أو غير الموالية لها، في حين تتوزع باقي الاعتداءات على مدن أخرى كـمصراتة والعجيلات وسبها وبني وليد وأوباري والزاوية.
وقد سُجلت 4 حوادث شروع في القتل؛ ثلاث حالات إخفاء قسري بعضها لا تزال مخفية قسرًا منذ أكثر من عامين وخصوصًا بمدينة بنغازي، بالإضافة لـ9 حالات اعتقال تعسفي و5 حالات احتجاز مؤقت، فضلا عن ارتفاع كبير في حالات التهديد والمنع من العمل؛ لتُسجل 38 حالة ، بالإضافة إلى تسجيل 9 حالات اعتداء بالضرب.
ونُتابع بقلل شديد حوادث الإخفاء القسري، التي لم تحترم فيها القيم الإنسانية وحقوق الإنسان، ولعل حالة المصور الصحفي المُعتقل لدى قوات حفتر منذ 13 فبراير عام 2017 عبد الله طلوبة نموذجًا لذلك.
في حين لا يزال أسلوب مهاجمة وسائل الإعلام وتدميرها متّبعا لدى أطراف النزاع حيث سجلت 9 حالات في طرابلس وبنغازي وسبها.
وقد سُجلت 3 حالات ملاحقة قضائية، حالتا تشهير والأخيرة إفشاء أسرار دولة طالت صحفيين وصحيفة ليبية فضلاً عن 3 حالات تحريض ممنهج طالت وسائل إعلام مختلفة اتهمتهم بالتكفير أدى إلى تهجيرهم وعدولهم عن العمل بمجال الصحافة والإعلام.
لا تزال الإدارة العامة بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني تعمل بسياسة التعتيم وفرض الرقابة المُسبقة على الصحفيين ووسائل الإعلام بهدف السيطرة، من خلال وضع قرارات ظالمة لا تدخل في اختصاصات الإدارة وتتعارض مع الإعلان الدستوري المُنظم للبلاد.
ورُغم المناشدات والمراسلات التي قام بها المركز الليبي لحرية الصحافة؛ لحث الإدارة العامة على العدول عن القرارات الظالمة والتدخل في عمل الصحفيين، فإنها لم تجد قبولا واضحا أو تعهدات يُطلقها موظفو رئاسة الحكومة الليبية، ولعل أبرزها الرسالة المفتوحة التي أرسلها الرئيس التنفيذي للمركز الليبي لحرية الصحافة محمد الناجم والأمين العام لمنظمة مراسلون بلا حدود كريستوفر لرئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بشأن وقف هذه الممارسات، يتغير الأشخاص وتظل الممارسات القمعية ولعل إدارة الإعلام الخارجي بالخارجية الليبية نموذج سيئ لهذه الممارسات.
تتنامى المخاطر والأعمال العدائية التي يواجهها الصحفيون بالشارع الليبي بالنظر لحدة الاستقطاب الحاصل، الذي أدى في كثير من الأحيان إلى حوادث اعتداء خطرة ضد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية دون وجود أي نية لدى الأجهزة القضائية في مُلاحقة مُرتكبي الجرائم.
استهجن المركز الليبي لحرية الصحافة حادثة إشهار السلاح على صحفيين يوم 3 يناير 2019، بعد دعوتهم بشكل مباشر إلى تغطية حفل تخريج دفعة لخفر السواحل ظهر اليوم الخميس بميناء طرابلس البحري.
حيث رصدت وحدة الرصد والتوثيق بالمركز ما يزيد عن 9 حالات اعتداء قامت بها قوات أمن تابعة لوزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني بعد دعوتهم بشكل مباشر إلى تغطية حفل تخريج دفعة لخفر السواحل بميناء طرابلس.
وسائل الإعلام التي اعتُدي عليها ( وكالة الغيمة الإخبارية، قنوات النبأ، ليبيا الوطن، بانوراما، ليبيا الأحرار، بالإضافة إلى وكالتا الأناضول والفرنسية)، حيث تعرّض الصحفيون للمنع والتضييق من خلال التفتيش بالرغم من التعريف بأنفسهم ومنعهم من التصوير أو التحرك خلال مراسم الاحتفال.
ما دعا جل الصحفيين إلى الانسحاب ولكن عند توجههم للخروج تعرضوا للمنع وعند مطالبتهم بفتح البوابة قام أحد عناصر الأمن بإشهار السلاح لإجبارهم على التراجع عن قرار انسحابهم وعند إصرارهم سمحوا لهم بالمغادرة .
أطلق عشرات الصحفيون بتاريخ 3 يناير 2019 وسم ” الصحفي ليس إرهابيا ” وذلك على خلفية حادث إشهار السلاح ومنعهم من تغطية تخريج دفعة لخفر السواحل الليبية بحضور رئيس المجلس الرئاسي ووزير الداخلية.
وقد عمل رجال الأمن المكلفون بتأمين الاحتفال التابعون لوزارة الداخلية بمضايقة الصحفيين ومنعهم من تغطية الاحتفال، وعند إصرار الصحفيين على المغادرة في خطوة شجاعة منهم لتفادي الاعتداء عليهم مرة أخرى، قام رجال الأمن بالبوابة بإشهار السلاح عليهم محاولا منعهم من الخروج وبعد تلقيه الأوامر واحتدام وتصاعد الأمر سمح لهم بالمغادرة، إلا أنها من الواضح لا تخضع للانضباط، دفع الصحفيين على إثرها إلى تجميد تغطيتهم لأي مناشط تتعلق بالحكومة الليبية، وصرح على إثرها الناطق الرسمي محمد السلاك على لسان رئيس المجلس الرئاسي بالقول إن حكومة الوفاق تحترم كافة الصحفيين وتقدم اعتذارها لما حصل باسم رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج .
ويشتكي الصحفيون من أن إدارة الإعلام الخارجي تفرض عليهم تصريحات مكتوبة شهرية وإبلاغها بأي عملية تصوير أو توثيق مما يُعد تقييدا وفرض رقابة مسبقة على أعمالهم منذ مطلع عام 2018، ناهيك عن المُحاباة في تقديم المُساعدة لبعض وسائل إعلام عن أخرى وغيرها من الممارسات المنبوذة.
أدى ذلك إلى تنظيم وقفات احتجاجية في أكثر من أربع مدن ليبية ضد تنامي موجة العنف والتضييقات غير المسبوقة التي تقوم بها الجهات المسلحة النظامية وغير النظامية.
وقد تظاهر العشرات من الصحفيين في الساحات الرئيسة رافعين شعارات تُطالب بتوفير الحماية والكرامة الإنسانية للصحفيين وتدعو المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إلى وقف حوادث الاعتداءات المُتكررة وضمان الحماية والسلامة المهنية للعاملين بقطاع الصحافة والإعلام مستنكرين تجاهل الجهات الرسمية لمطالبهم.
وعبّر المشاركون في الوقفات الاحتجاجية عن استنكارهم وحزنهم العميق لمقتل زميلهم المصور الصحفي محمد بن خليفة في يناير 2019 أثناء تغطيته للاشتباكات جنوب طرابلس
وأكد الصحفيون استمرارهم في مقاطعة مناشط حكومة الوفاق الوطني إلى حين الالتفات لمطالبهم المتمثلة في توفير الحماية لهم واحترام شارة الصحفي أثناء التغطية الميدانية أو بمقر رئاسة الوزراء وباقي الوزارات وهي تعتبر من حقوق حرية الرأي والتعبير وسهولة الموصل والنفاذ للمعلومة.
في ظل غياب أي جسم تشريعي يحمي الصحفيين ويسهل عملهم الإعلامي عمل الصحفيون على توحيد صفهم وتكوين جسم بعد مناشدات دولية ومحلية عن تردي وضع الإعلامي بليبيا حيث انطلق الحراك بتجمع ما يزيد عن 150 صوتا إعلاميا من مختلف المدن الليبية، يؤيدون تكوين جسم يعمل على تسهيل عملهم وفق مسودة يعتمدها المؤسسون الذين اُختيروا عبر 5 اجتماعات لتُعرض على لجنة خاصة مكلفة من المجلس الرئاسي وإدارة المتابعة والجهات الأمنية المختلفة حتى تكون معتمدة لحماية العمل الإعلامي وفق أخلاقيات المهنة المتعارف عليها.
كما صوّت الصحفيون عبر اجتماعهم الخامس لاختيار أعضاء اللجنة العمومية، وتسميتها بالمنظمة الوطنية للصحفيين والإعلاميين الليبيين وفقًا لقولهم
ووفقًا لآخر شهادة قالها محمد بن خليفة في أغسطس 2018 لفريق الباحثين بوحدة التوثيق والمُساعدة الطارئة لدى المركز الليبي لحرية الصحافة: ” فإنهم يواجهون مخاطر جسيمة بشكل دائم خلال تغطيتهم للأحداث الميدانية الدامية من انعدام معدات السلامة اللازمة، وعدم تعاون الأطراف المتنازعة في ضمان حمايتهم أثناء النزاعات المُسلحة.”
طارق الهوني رئيس تحرير وكالة الغيمة للأنباء
” ارتفاع حجم الاعتداءات والانتهاكات والاعتقالات على مراسلي الوكالة أصبح يرفع لدينا بالمقابل مستوى إعادة التفكير والتردد حيال ما نقدم.. والتساؤل هل ما نقدمه غير مناسب؟، أو أن هناك رسالة خفية لتوجيه سياسة التحرير والضغط عليها والعمل نحو ذلك!!!
اليوم وللأسف حتى وإن قبلنا على مضض بظروف الأمن وحجج الطوارئ تجاه مهنتنا مراعاة للمصلحة العامة، فإننا بالمقابل لا نرى أدنى تنازل من الطرف المقابل بل المزيد من العنجهية والتصعيد.. فمثلا لم نتسلم يومًا اعتذارًا مباشرًا أو غير مباشر حيال التجاوزات من تلك الجهات التي توصف بالرسمية أو تعتبر نفسها كذلك وتتقاضى رواتبها من الخزينة العامة “. ومع ذلك سنواصل عملنا بمهنية، فإن كانت الصحافة مهنة أو وظيفة في الظروف المستقرة، فهي واجب ورسالة في ليبيا اليوم، وسنسأل عنها في الغد..
” رمضان التويب ”
لم أكن أتوقع في يوم أن أصبح عنوانا خبريا، نشرت العديد من التقارير الإخبارية، واستمتعت بالعمل على القصص الخبرية، بسبب نشري لمقال في شهر مارس ما نتج عنه تهم كيدية متعددة وحبس لثلاثة أيام بزنزانة ليفتح المحضر وكانت آخر تهمة التشهير بعميد البلدية ووكيل الديوان، لأنتقل إلى النيابة ومنها إلى الحجز لأقضي به شهرا، ثم خرجت من الحجز ولا تزال القضية مستمرة أمام القضاء، وعندما طلبت من القضاء الاطلاع على المستندات المقدمة ضدي، تبين لي إخفاء المستندات التي نشرتها ضمن المقال، وزُوّرت مقالات أخرى لم أكتبها، وتأجلت القضية لثلاث أشهر بسبب الإجازة القضائية.
” فرج الكيش “
عمليات الاعتداء على الصحفيين على الملإ لمجرد الصفة وبدون أي حق أو تهمة ، أصبح الصحفي محط استهداف من كل الأطراف كالأجهزة الأمنية والسياسية والتشريعية، هم يرونهم هدفا واجبا تحطيمه من أجل بقائهم بصورة جميلة أمام الشعب، وليس كذلك بل ما يدفع الصحفيين للعمل لمجرد نقل الحقيقة بكل جوانبها، وأنهم قد جردوا تمامًا من حقوقهم لتأدية عملهم بشكل صحيح.