يُعد ملف مكافحة الإفلات من العقاب من القضايا الأربع الرئيسية التي يعمل عليها المركز الليبي لحرية الصحافة خلال السنة الحالية 2015 ، في ظل تفشي ظاهرة الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين الليبيين وسط غياب العدالة والملاحقة القضائية واستمرار الانتهاكات بشكل واسع في البلاد، وذلك رغم إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر ديسمبر عام 2013 اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب ضد الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين في الثاني من نوفمبر بكل عام .
العدالة والإنصاف
يحيي المركز الليبي لحرية الصحافة اليوم الدولي بإطلاق حملة إعلامية توعويـة تهدف إلى التنبيه إلى واقع الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين الليبيين بعنوان #العدالة والإنصاف للصحفيين والتي نُذكّر من خلالها بأبرز الجرائم المرتكبة ومدي بشاعتها وفتح النقاش للتفكير بصوت عال في كيفية التحرك القضائي لجمع الاستدلالات والشهود للتحقيق في الجرائم المرتكبة وتوعية الشارع الليبي بخطورة الاعتداءات وجسامتها التي تقع على الصحفيين ووسائل الإعلام .
و ضمن حملة #العدالة والإنصاف للصحفيين يطلق المركز الليبي لحرية الصحافة تقريره الخاص ” صحفيون في قبضة الإفلات من العقاب ” والذي يوثق 266 اعتداءً جسيما تعرض له الصحفيون ووسائل الإعلام في المدة الزمنية الممتدة بين يناير عام 2012 إلى يونيو 2015 وهي انتهاكات أفلت مرتكبوها من العقاب.
صحفيون في قبضة الإفلات
ويضم التقرير عرضاً ملخصاً لكافة الانتهاكات والاعتداءات التي تم توثيقها من خلال المقابلة الشخصية والهاتف وسجلات محاضر الشرطة والنيابة العامة والتقارير القانونية لدى المحاميين المدافعين عن قضايا الصحفيين بالإضافة إلى أرشيف التقارير الداخلية التي وثقها الباحثون في السنتين الماضيتين بوحدة الرصد والتوثيق لدى المركز الليبي لحرية الصحافة.
ويسلط التقرير بشكل واسع بالأرقام والإحصائيات الضوء على المعاناة التي يعيشها الصحفيون في ظل قبضة الإفلات من العقاب مع عجز الأجهزة الأمنية والقضائية عن ملاحقة الجناة وقصور في إجراءات التتبع القضائي للكشف عن ملابسات الجرائم ومسبباتها.
كما يستذكر المركز الليبي لحرية الصحافة عبر حملة #العدالة والإنصاف للصحفيين 6 حالات رمزية تظهر مدى تفشي ظاهرة الإفلات من العقاب في ليبيا وتعكس وقائع متعددة بين حوادث القتـل العمد كحالة مقتل رئيس تحرير صحيفة برنيق مفتاح بوزيد ومقتل الناشطين الإعلاميين توفيق بن سعود وسامي الكوافي بالإضافة إلى حادث القتل الجماعي التي طالت صحفيي قناة برقة الفضائية وجميعهم قتلوا خلال عام 2014 ، العام الأسوإ في الحريات الصحفية.
فضلاً عن حوادث الاعتقال التعسفي والتعذيب كالتي طالت مقدم البرامج التلفزيونية مصطفي ذياب وحادث الاختفاء القسري المستمر للصحفي إمحمد دنقو وجميعها تظهر مدى بشاعة الجرائم والممارسات التي يعانيها الصحفيون.
آليات الملاحقة القضائية
كما يعقد المركز الليبي لحرية الصحافة بمناسبة اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب ندوة قانونية تحت عنوان” تعزيز آليات المساءلة وملاحقة مرتكبي الجرائم بحق الصحفيين” وذلك بالعاصمة الليبية طرابلس بحضور نخبة واسعة من الصحفيين والمراسلين ورؤساء التحرير إضافة إلى وكلاء النيابة والمحاميين وأساتذة القانون الدولي والجنائي بجامعة طرابلس والتي يتم خلالها البحث في كيفية وضع الآليات الاحترازية لحماية الصحفيين ووسائل الإعلام قانونياً وأمنياً.
ويبث المركز الليبي لحرية الصحافة فيلما قصيـرا نستذكر عبره أبرز الصحفيين الذين قتلوا في الأعوام الماضية أثناء تأديتهم لأعمالهم الميدانية والذين يصل عددهم إلى 20 صحفياً قتلوا بمدن بنغازي وطرابلس وسبها.
التذكيـر بالضحايـا
وفي هذا الإطار يقول محمد الناجم رئيس المركز الليبي لحرية الصحافة، إن حرية الصحافة والتعبير في ليبيا اسطدمت بواقع جديد أظهر منتهكون جددا للحريات العامة وتقيدات كبيرة فرضت على وسائل الإعلام وتنامي الرقابة الذاتية لدى الصحفيين خشية الوقوع ضحية الجرائم المرتكبة.
وينوه النـاجم إلى ضرورة أن نستذكر ضحايا الصحافة الليبية للذين عاشوا مرارة الجرائم المرتكبة بحقهم ونعمل دائماً لأجل مناصرتهم وتقديم كافة أشكال الدعم لهم، بهدف تشجيع السلطات على وضع حد للإفلات من العقاب وتوفير الحماية اللازمة للصحفيين الليبيين، ويضيف أن الحملة ترسل برسالة واضحة للذين يقومون بارتكاب الجرائم ضد الصحفيين مفادها أنه ستوجه لهم أصابع الاتهام وسيقدمون للعدالة آجلاً أم عاجلاً.
الاعتداءات بالأرقـام
وتتعدد حوادث الانتهاكات وتصنيفاتها وفقاً للدليل المنهجي المتبع لدى وحدة الرصد والتوثيق، فقد سُجلت 20 عملية قتل طالت الصحفيين 8 منها فقط حدثت بمدينة بنغازي وجميعها مرت دون أي ملاحقة جدية من قبل القضاء الليبي في ظل فقدان الإرادة لدى السلطات المتعاقبة في تتبع الجناة ومكافحة الإفلات من العقاب.
فيما تأتي حوادث الشـروع في القتل في المرتبة الثانية فقد تعرض 22 صحفياً لمحاولات اغتيال متعمدة وتنوعت بين المطاردة بالسيارة وإطلاق الرصاص أو استهدافهم بالسيارات المتفجرة وإطلاق النار أثناء خروجهم من مؤسساتهم أو أثناء أدائهم لأعمالهم الميدانية.
وقد سجلت خلال السنوات الأربع الماضية 40 عملية اختطاف وتعذيب واعتقال تعسفي جميعها ارتكبتها مليشيات قبلية وانتهازية ومتطرفة وأغلبها معروفة لدى الضحايا الذين يخشون الالتجاء للقضاء الليبي للمطالبة بحقوقهم خوفاً من تعرضهم لحوادث انتقام أكبر وفقاً لأقوالهم.
وقد اتسمت السنوات الماضية بتزايد حوادث المنع من العمل والتغطية الاعلامية للأحداث الميدانية المختلفة، فقد سجلت 84 عملية منع من العمل والاعتداء بالضرب والطرد التعسفي أثناء تأديتهم لأعمالهم الميدانية المختلفة وصلت في الكثير من الأحيان إلى مصادرة معداتهم أو تكسيرها أو الاحتجاز المؤقت قامت بها قوات أمنية نظامية أو شبه نظامية أو مجموعات مسلحة.
الآليات التنفيذية والتوصيـات
يدعو المركز الليبي لحرية الصحافة إلى ضرورة التعجيل بالعمل على الإصلاح الهيكلي والقانوني لوضع قطاع الصحافة والإعلام بما يتلاءم مع التزامات ليبيا الدولية وفقاً للمواثيق والمعاهدات والاتفاقيات التي ترسخ حرية الصحافة والتعبير وتعزز حماية الصحفيين واستقلاليتهم.
كما نجدد مطالبتنـا لمكتب النائب العام بضرورة التحقيق الفوري والشامل في كافة الاعتداءات التي طالت الصحفيين ووسائل الاعلام ونؤكد التزامنا بتقديم كافة الدعم والمساعدة في جمع الأدلة والشهود لأي تحقيقات جدية يقوم بها مكتب النائب العام.
ويوصي المركز الليبي لحرية الصحافة المجلس الوزاري بحكومة الوفاق الوطني بضرورة تعيين وكيل لشؤون حماية الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان بوزارة العدل الليبية بما يعزز مبدأ مكافحة الإفلات من العقاب ومساءلة مرتكبي الجرائم.
ونشدد على ضرورة وضع التدابير الأمنية والقانونية اللازمة لحماية الصحفيين وضمان سلامتهم وتقديم المساعدة العاجلة لهم بالإضافة إلى تدريب قوات الأمن الوطني على مبدإ احترام حقوق الصحفيين وعدم التعرض لهم بالضرب والاحتجاز والمنع من العمل.
ويدعو المركز الليبي المجتمع المدني والصحفيين لضرورة زيادة الجهود الوطنية المبذولة للدفاع عن الصحفيين ووسائل الإعلام من خلال تقديم كافة أشكال الدعم وعقد الندوات وورش العمل وحملات التحشيد والمناصرة وخلق نظام شراكات وتعاون مع المنظمات الدولية المختصة في حماية الصحفيين وحقوق الإنسان .
لتحميل التقرير صحفيون في قبضة الإفلات من العقاب أضغط هنـا
وحدة العلاقات العامة والاتـصال
1 / نوفمبـر / 2015